الأميرة عبير بنت فيصل: “نفيس” قطعة فنية برؤية تراثية تتربع وسط مدينة الخبر تبوح عن الموروث الثقافي.. مواكبة مع مبادرة الشرقية تُبدع
أشارت صاحبة السمو الأميرة عبير بنت فيصل بن تركي آل سعود رئيسة أُمناء مجلس المنطقة الشرقية للمسؤولية الاجتماعية – ابصر- إلى أن الفن مرتبط بالتاريخ وتكييفه بالحاضر عبر مزيج إبداعي يوضح عمق علاقة الإنسان بالأرض والبيئة التي تحيط به، وبينت سموها أن القطعة الفنية “نفيس” يتكئ في وسط مدينة الخبر؛ ليبوح عن وجود علاقة أزلية بين التراث والحضارات ورؤية الجيل القديم والمعاصر، حيث يستند بأحجاره المنحوتة وزخارفه العتيقة؛ ليكون بمثابة رمز للهوية كقطعة خرسانية تستقبل الضيوف، وإن آلت متغيرات عدة على هيئة المجالس بأشكال وألوان وتصاميم مختلفة، وتطرح التساؤلات حول جذور جلستنا العربية وتنوعها في مناطق مملكتنا الحبيبة، فثمّة عناصر لافتة داخل العمل الفنّي “نفيس”، وهي آلية تثبيته داخل مكان يرتاده العديد من الزوّار، ربما ليرمز عن المكانة التي يشغلها الفنّ بأدق تفاصيل الحياة الاجتماعية، على سبيل التمسك بالموروث بصناعته وشكله على نحو فريد منذ ظهور المجالس حتى يومنا هذا، عبر إعادة التكوين وربط الماضي بالمستقبل، وارتباط ذلك بالتاريخ المشترك للبشرية لاسيما أن أجزاء المجلس بمكوناته ماهي إلا مخزون ثقافي ودلالة على الاعتزاز بالهوية، استلهمت نبضها من الذاكرة التي تُداعب عبير التاريخ، كمحاولة لمقاومة حركة البناء السريعة وتجنبًا لاندثار الماضي، إضافة إلى تعزيز الوعي لدى أفراد المُجتمع بالمحافظة على التراث، مما يجعل المُجسم أكثر تفاعلاً من قبل الأسر التي اعادت إلى أذهانها الصورة الأولية لشكل المجلس وتاريخه عبر الزمن عندما كان مقترنًا بطرازات تراثية وأعمدة معروشة بجريد النخل وغيرها من مكونات، وهذا هو “نفيس” يحاكي عبق الماضي بأنفاس الحاضر.
حيث أن القطعة الخرسانية التي صُممت برؤية فنيّة تحمل العديد من الرسائل فداخلها ليست شقوق عادية، إنما أحافير مصفوفة تحمل ذكريات وتاريخ تجسّد عراقة البناء القديم وما كان يستخدم من مواد آنذاك، فهي حصيلة أفكار ممتلئة بحكايات تسرد ما يمكن للأجيال توارثه على مرّ العصور، إذ يأتي تدشينها تزامنًا مع مبادرة “الشرقية تُبدع” التي أقامها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) هذا العام، برعاية كريمة من أمير المنطقة الشرقية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز آل سعود، فكلما استحضرت “نفيس” ذكرياتها كلما استلهمت جذور الثقافة كرمز من أجل إسباغ اللقاء وفرحة الالتقاء.
ويبوح “نفيس” بفكرة تدور حول ترسيخ التراث، لكي يصبح ثقافة يتمسك بها الأجيال وسط ضرورة الحفاظ عليها وإضفاء كل ما يحقق ديمومة الموروث الثقافي الذي يتعاقب عبر السنين، فهناك فنون تفتح ذراعيها لتصليح المتصدع منها مما يكسبها بريقًا لامعًا وتوهج نحو تفاعل مجتمعي يعتريها من كل جانب، وهكذا العمل الفنّي “نفيس”، يسير بوتير الإبداع الثقافي مرددًا “هنا أتكئ، هذه ملامحي، حافظوا عليها لكي لا تندثر”.
من هذا المنطلق سيجوب مناطق حول المملكة عائدًا بأيقونته المبهجة إلى المنطقة الشرقية، ليكون ملاذًا آمنًا للسياح والباحثين عن لوحات الإبداع ومزيج الثقافات التي تربط الماضي بالحاضرة، وصولًا إلى المستقبل، إضافة إلى ارتباطه بتحقيق مُستهدفات رؤية السعودية 2030 من خلال تعزيز “مجتمع حيوي” بالمحافظة على الجذور الراسخة والبيئة العامرة ذات البناء المتين التي تهدف إلى المُحافظة على الموروث الشعبي للوطن وتداوله بين الأفراد وتطويعه بما يتناسب مع متغيرات العصر الحديث ليستلهم الماضي القديم.